أَكَّدَ العلمُ الحديثُ صحّةَ هذا الحديثِ، فقد كُشفَ أنّ في بعضِ جناحي الذبابةِ مادةً ترياقيةً مضادةً للجراثيمِ، ولأنواعِ الميكروبات، فإذا علِقَ بأرجلِ الذبابةِ بعضُ الجراثيمِ، أو الميكروباتِ، أو البكترياتِ الضارّةِ، ووقعَ هذا الذبابُ في سائلٍ، فعليكَ أنْ تغمسَ الجناحَ الثانيّ، فإنّ في بعضِ الأجنحةِ الدواءَ الترياقَ المضادَّ لهذه الجراثيمِ قال تعالى: {ياأيها الناس ضُرِبَ مَثَلٌ فاستمعوا لَهُ إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجتمعوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذباب شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطالب والمطلوب} .
مِن وظائفِ هذه الحشرةِ أنها تُنَقِّي الهواءَ بقضائِها على النباتاتِ والعضوياتِ المتفسِّخةِ، ولكنّ الذبابةَ الواحدةَ تحمِلُ في طَيَّاتِها ما يزيدُ على خمسمئةِ مليونِ جرثومٍ، ووجودُ الذبابِ في مكانٍ ما مؤشِّر على أنَّ هذا المكانَ ليس نظيفاً، فكأنّها رادعٌ قويٌّ كي نُنَظِّفَ أَفْنِيَتَنَا كما وجَّهنا النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ.
إنها سريعةُ التنقُّلِ، بينما هي على مائدتِك إذا هي في يومٍ ثانٍ في مكانٍ تزيدُ مسافتُه على عشرة كيلو متراتٍ، وتنجبُ جيلاً كاملاً كلَّ عشرةِ أيامٍ، توالدُها عجيبٌ.
أمّا الشيءُ الذي لا يكاد يُصَدَّقُ فهو أنّ جُملَتَها العصبيّةَ تشبهُ الجملةَ العصبيةَ عند الإنسانِ، وعينُ الذبابةِ غايةٌ في القوّةِ، وغايةٌ في قوّةِ الإبصارِ، ولها إدراكٌ عالِي المستوى، وقد تتصرَّفُ بغضبٍ شديدٍ إذا ما لاح لها خطرٌ، فهي تغضبُ، وتتعلّمُ، وتحسُّ بالألمِ، ووزنُ دماغِها واحدٌ من مليونِ جزءٍ من الغرامِ، وهو يعملُ بأعلى كِفايةٍ، وفي الذبابة جُمْلَةٌ مِن الغُدَد، ولها ذاكرةٌ تستمرُّ دقيقتين.
والذبابُ أنواعٌ منوَّعةٌ تزيدُ على مئاتِ ألوفِ، منه ذبابٌ مفترِسٌ، ونوعٌ كالنحلةِ يمتصُّ الرحيقَ، ونوعٌ يُخَمِّرُ الفاكهةَ، ونوعٌ ينافِسُ الطائراتِ في مناورَتِها، وفي سرعتِها، وتستطيعُ أنْ تُضَلِّلَ مُطارِدَها، وتسخرَ منه.