شيءٌ آخرُ، هذا الحكمُ الشرعيُّ المأخوذُ من هذه الآيةِ الكريمةِ يجبُ أنْ يكونَ واضحاً في أذهانِ المسلمينَ إذا سافَروا إلى بلادِ الغربِ، فما ذُبِحَ على غيرِ الطريقةِ الإسلاميةِ لا يجوزُ أكْلُه، أما إنْ لم يسمَّ عليها فهناك رأيٌ لبعضِ الفقهاءِ بجواز أكلها إذا سمَّى آكِلُهَا، أما إنْ لم تُذبَحْ بطريقةِ الذبحِ الشرعيِّ، بطريقةِ إخراجِ الدمِ كلِّه إلى خارجِ الذبيحةِ، فهذا يؤذي الإنسانَ أشدَّ الأذى، ويوقِعُهُ في معصيةِ اللهِ عز وجل.
لقد حرَّم ربُّنا سبحانه وتعالى علينا الدمَ المسفوحَ، وهذا من الإعجازِ العلميِّ في قوله عز وجل: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [الأنعام: 145] ، وفي كلمةِ: {مَّسْفُوحاً} إشارةٌ إلى أنّ هذا الدمَ المسفوحَ موطنٌ للجراثيمِ، غيرَ أنّ في الجسم أجهزةً بأعلى مستوى للتصفيةِ، فالكليتان تنقِّيانِه من الموادِّ السامَةِ، والرئتان تنقِّيانِه من الغازاتِ السامةِ، ولكنْ إذا ماتتِ الدابةُ أصبحَ الدمُ موطِناً للجراثيمِ والأوبئةِ، لذلك فالشيءُ الذي يَلفتُ النظرَ أنّ العالَمَ الغربيَّ بعد أنْ اكتشِفَتِ الجراثيمُ صدَرَتِ القوانينُ بتحريمِ الدمِ، وتحريمِ لحومِ الميتةِ، بعد أنْ عَرَفُوا ضررَه، ولكنّ اللهَ سبحانه وتعالى في القرآنِ الكريمِ قَبْلَ أكثر من 1400 عام حرَّمَ علينا الدمَ المسفوحَ، وحرّمَ علينا لحمَ الدابِّةِ الميتةِ.