وعَنْ أَبِي طَالُوتَ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يَأْكُلُ الْقَرْعَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا لَكِ شَجَرَةً، مَا أَحَبَّكِ إِلَيَّ لِحُبِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاكِ".
قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ هذه الآيةِ: {وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ} : "وذَكرَ بعضُهم في القرعِ فوائدَ، منها سرعةُ نباتِه، وتظليلِ ورقِه لِكِبَرِه، ونعومَتهِ، وأنه لا يقربُها الذبابُ، وجودةُ تغذيةِ ثمرِه، وأنه يُؤكَلُ نِيْئاً، ومطبوخاً بِلُبِّهِ، وقشره أيضاً، وقد ثبتَ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحبُّ الدباءَ، وَيتَتَبَّعهُ من نواحي الصَّحْفةِ".
وقال ابنُ قيِّم الجوزيةِ: "اليقطينُ باردٌ رطبٌ، يغذو غذاء يسيراً، وهو سريع الانحدار، وإن لم يفسُدْ قبلَ الهضمِ توَلَّد منه خلطٌ محمودٌ ... وهو لطيفٌ مائيٌّ، يغذو غذاءً رطباً بلغميّاً، وينفعُ المحرورين، ولا يلائِم المبرودين، وماؤهُ يقطعُ العطشَ، ويُذهِبُ الصداعَ الحارَّ إذا شُرِبَ، أو غُسِلَ به الرأسُ، وهو مليِّن للبطنِ ... وبالجملةِ فهو مِن ألطفِ الأغذيةِ، وأسرعِها انفعالاً".
وهو غنيٌّ بالسكريات - هذا كلام الأطباء المحدثين - والفيتامينات (أ - ب) ، وفيه حديدٌ وكلسٌ، وفيه عناصرُ فعالةٌ كالقَرعِين، وفيه حوامضُ أمينيةٌ كاللوسين، وهو غيرُ مُهَيِّجٍ، وهو هاضِمٌ، مسكِّن، مُرطِّب، مُلَيِّنٌ، مُدِرٌّ للبولِ، ويطردُ سوائلَ الوزماتِ والانصباباتِ، مطهِّرٌ للصدرِ، والمجاري التنفسيةِ، والمجارِي البوليةِ، ويفيدُ في معالجةِ التهابِ المجارِي البوليةِ، والبواسيرِ، والإمساكِ، وانحباس البول، كما يفيدُ في معالجةِ الوَهَنِ، وعسرِ الهضمِ، والتهاباتِ الأمعاءِ، ويفيدُ المصابين بالعللِ القلبيةِ، والأرقِ، ومرضى السكريِّ، ويفيدُ في آفاتِ المستقيمِ.
والقاعدةُ الذهبيةُ تقولُ: " أفضلُ دواءٍ ما كان غذاءً، وأفضل غذاءٍ ما كان دواءً".