فَلْنَعُدْ إلى هذا القرآنِ، ولنرجعْ إليه، فهو النَّبْعُ الأوّلُ للإسلامِ، قال تعالى: {إِنَّ هاذا القرآن يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] ، وقال سبحانه: {فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى} [طه: 123] ، وقال: {فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38] .
إنّ ألوانَ الإعجازِ لا تعدّ، ولا تُحصَى، وهذا بعضٌ مِن إعجازِ القرآنِ الكريمِ.
إذا نَزلَ الإنسانُ إلى البحرِ فإنَّ قطراتِ الماءِ التي تمسُّ جلدَه ربّما تكونُ قد وصلتْ من توِّها بعدَ رحلةٍ استغرقَتْ عدَّة سنينَ، لأنّ الماءَ يجري في تياراتٍ من خطِّ الاستواءِ إلى القطبين، ومِن القطبين إلى خطِّ الاستواءِ، وقد يقطعُ مسافةٌ تزيدُ على خمسة عشرَ ألف كيلومتر، فهذا الماءُ الذي تجدُه في البحرِ ماءٌ متبدّلٌ يقطعُ رحلاتٍ طويلةً، بعضُها إلى الشمالِ، وبعضُها إلى الجنوبِ، وبعضُها إلى الشرقِ، وبعضُها إلى الغربِ، وهناك قوانينُ معقّدةٌ جدّاً تحكمُ حركةَ الماءِ في المحيطاتِ، ولكنّ الذي يَعنِينا أنَّ سبَبَ هذه الحركةِ في أصلِها أنَّ أشعَّةَ الشمسِ تسخِّنُ الماءَ الذي في خطِّ الاستواءِ فيتمدَّدُ، ويرتفعُ قرابةَ عشرينَ سنتمتراً، وهذا الارتفاعُ الطفيفُ يساهمُ في تشكيلِ تيارٍ نحوَ الشمالِ، وأنَّ الماءَ في القطبين يبردُ، ومع برودتِه يثقلُ فيغوصُ في الأعماقِ، ويتَّجهُ نحو خطِّ الاستواءِ، فهناك تياراتٌ سطحيّةٌ، وتياراتٌ عميقةٌ.
هذه المقدّمة نريدُ أنْ نصلَ منها إلى أنّ مِن آياتِ الله الدالةِ على عظمتِه تيارَ الخليج، هذا التيارُ سرعتُه ثمانية كيلو متراتٍ في الساعة، فإذا دخلتْ فيه السفينةُ، وأطفأتَ محرّكاتِها فإنَّها تسيرُ ثمانية كيلو مترات في الساعة دونَ أنْ تعملَ محرّكاتُها.