هذه الآيةُ مِن دلائلِ الإعجازِ العلميِّ في القرآنِ الكريمِ، ومِن دلائلِ نبوَّةِ النبي عليه الصلاة والسلام، فقدْ أثبتَ علمُ طبِّ الطيرانِ والفضاءِ أنَّ تعرُّضَ الإنسانِ للارتفاعاتِ العاليةِ عندما يصعدُ مِن سطحِ الأرضِ إلى الطبقاتِ العُلْويَةِ في السماءِ يُحدِث له أعراضاً عضويةً، تتدرَّج من الشعورِ بالضيق الذي يتركَّزُ في منطقةِ الصدرِ حتى يصلَ إلى المرحلةِ الحرجةِ التي ذكرَها القرآنُ الكريمُ: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء} ، وذلك أنه كلّما استمرَّ في الارتفاعِ انخفضَ الضغطُ الجوي، ونقَصَ الأكسجينُ.
إنّ الإنسانَ إذا ارتفعَ عن مستوى سطحِ البحرِ إلى عشرةِ آلافِ قدمٍ لمْ يشعرْ بشيء مِن أعراض نقصِ الأكسجين، وخفْضِ الضغطِ، أمّا إذا تجاوزَ عشرةَ آلاف قدمٍ إلى ستة عشر ألف قدمٍ، فإننا نجد عندئذٍ ما زوَّد اللهُ به الجسمَ من أجهزةٍ تتكافأُ مع هذا التبدُّلِ في الضغطِ، وفي نقصِ الأكسجينِ، فإذا بقيَ في هذا المكانِ بين عشرة آلاف قدم وستة عشر ألف قدمٍ يزدادُ نبْضُ قلبِه، ووجيب رئتيه، ويرتفعُ ضغطُه من أجل أن توفِّرَ هذه الأجهزةُ للجسمِ حاجتَها مِن الأكسجين، أما إذا تجاوزَ الإنسانُ ستة عشر ألف قدم إلى خمسة وعشرين فإنّ أجهزةَ الجسمِ عندئذ لا تفي بغرضِها في هذا الارتفاع المفاجئ، فما الذي يحصلُ؟ تظهرُ أعراضٌ، في مقدّمتِها ضيقُ الصدرِ، {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء} .
أمّا إذا ارتفعَ خمسة وعشرين ألف قدم فأكثر فإنّه يفقدُ الوعِيَ عندئذٍ تماماً، لذلك فإنّ الطائرةَ التي تحلِّقُ على ارتفاعِ أربعين ألف قَدَمٍ تكونُ مضغوطةً ثمانيةَ أمثالِ الهواء الذي عليها حين تكون على سطح الأرضِ، مِن أجْلِ أنْ يكونَ الضغطُ الجويُّ في الطائرةِ موافقاً لما هو عليه حين يكون على سطحِ الأرضِ، وإلا غابَ الرُّكّابُ عن الوعيِ تماماً، وهذه الآيةُ مِن أدلةِ الإعجازِ العلميِّ في القرآنِ الكريمِ، ومِن أدلةِ نبوَّة النبيِّ عليه الصلاة والسلام.
هذه أعراضُ نقصِ الأكسجين، فماذا عن أعراضِ انخفاضِ الضغطِ؟