هذه الشمسُ آيةٌ ساطعةٌ دالةٌ على اللهِ كسطوعِها، وهي نجمٌ متوسِّطُ الحجمِ إذا قِيستْ بالنجومِ الأخرى، ومع أنها تَكْبُرُ الأرضَ بمليونٍ وثلاثمئة ألفِ مرةٍ حجماً، وتبعدُ عنها مئةً وستةً وخمسين مليونَ كيلو متر وَسَطِيّاً، ويقطعُ ضوءُ الشمسِ هذه المسافةَ في ثماني دقائقَ، وهناك نجومٌ يزيدُ حجمُ أحدِها على حجمِ الشمسِ والأرضِ مع المسافةِ بينهما.

وأمَّا عن حرارَتِها فهي تصلُ إلى عشرين مليونَ درجة في مركزِها، فلو أُلْقِيَتِ الأرضُ في جوفِ الشمسِ لتَبَخَّرَتْ في وقتٍ قصيرٍ، ويزيدُ طولُ ألسنةِ اللهبِ المنطلقةِ من سطحِها من نصفِ مليون كيلو مترٍ إلى مليون كيلو متر، وتُنتِج الشمسُ مِن الطاقةِ في كلّ ثانيةٍ ما يعادلُ إحراقَ أَلْفَيْ مليارِ طُنٍّ من الفحمِ الحَجَريِّ، وتفقدُ الشمسُ كلَّ يومٍ مِن كتلتِها ما يعادلُ ثلاثمئةٍ وستينَ ألفَ مليون طنٍّ، ويظنُّ علماءُ الفَلَكِ أنَّه مضَى على اتِّقادها ما يزيدُ على خمسةِ آلافِ مليون عامٍ، وهم يُطَمْئِنون الناسَ إلى أنّ الشمسَ لن تنطفئ قبلَ خمسة آلاف مليون عام أخرى، ولو انطفأتِ الشمسُ فجأةً لَغَرِقَتِ الأرضُ في ظلامٍ دامسٍ، ولهبطتْ درجةُ الحرارةِ فيها إلى مئتين وسبعينَ درجةً تحتَ الصفرِ، ولتحوَّلتِ الأرضُ إلى قبرٍ جَلِيديٍّ، وإنّ انعدامَ الدفءِ والنورِ كافيان لقتلِ كلِّ مَظهرٍ من مظاهرِ الحياةِ على سطحِ الأرضِ.

سَلِ الشمسَ مَن رفعَها ناراً، ونَصَبَها مَناراً، وضَرَبَها ديناراً، ومَن عَلَّقها في الجو ساعةً، يَدِبُّ عَقْرَبِاها في الجوِّ إلى قيام الساعةِ، ومَن الذي آتاها مِعراجَها، وهَدَاها أَدْراجَها، وَأَحَلَّها أبْراجَها، ونَقَّل في سماءِ الدنيا سِراجَها؟

إنّ الزمانَ هي سببُ حصولِه، ومُنْشَعبُ فروعِه وأصولِه، وكتابُه بأجزائِه وفصولِه، لولاها ما اتّسقتْ أيامُه، ولا انتظمتْ شهورُه وأعوامُه، ولا اختلفَ نورُه وظلامُه، ذهبُ الأصيلُ من مناجمِها، والشفقُ يسيلُ من محاجمِها، تحطَّمتِ القرونُ على قَرْنِها، ولم يَمْحُ التقادمُ لَمحةَ حُسْنِها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015