أمّا الآيةُ الثانيةُ، وهي قولُه تعالى: {تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] ، فليس فيها قوله: مما تعدُّون، لأن هذه سرعةُ الملائكةِ، وهي تتجاوزُ سرعةَ الضوءِ.

القمر

كلّنا يعلمُ أنَّ القمرَ يدورُ حولَ الأرضِ في كلّ شهرٍ قمريٍّ مرَّةً واحدةً، وأنَّه يدورُ حولَ نفسِه في وقتٍ مساوٍ تماماً لِدَورتِه حولَ الأرضِ، لذلك لا نرى مِن القمرِ إلا وجهاً واحداً طوالَ الحياة، لأنّه يدورُ حولَ الأرضِ، وحولَ نفْسِه في وقتٍ واحدٍ، ويستكملُ دورتَهُ حولَ نفسِه في تسعةٍ وعشرين يوماً، وثماني ساعات، ويستكملُ دورتَهُ حول الأرضِ في تسعةٍ وعشرين يوماً وثماني ساعات.

لكنّ الشيءَ الذي يَلفِتُ النّظرَ أنَّ القمرَ يقطعُ في كلّ يومٍ مِن دائرةِ سيْرِه مِن فَلَكِهِ حولَ الأرض ثلاثَ عشرةَ درجةً، ويتأخَّرُ في شُروقِه عن اليومِ السابقِ تسعاً وأربعين دقيقةً كلَّ يومٍ، ولولا هذا التأخُّرُ لبدَا القمرُ بدْراً طوالَ الحياةِ، ولكنَّ تأخُّرَه تسعاً وأربعين دقيقةً عن شُروقه السابقِ كلّ يومٍ هو الذي يُرِينا القمرَ في مراتبَ، مِن هلالٍ، إلى رُبْع، إلى بدْر، إلى عُرجونٍ، إلى غيابٍ كاملٍ، لذلك يقول ربّنا سبحانه وتعالى: {هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب} [يونس: 5] .

من الذي خلَقَ وأبْدَعَ، وجعلَ القمرَ يتأخَّرُ في شُروقِه كلّ يومٍ تسعاً وأربعين دقيقةً عن اليومِ السابقِ، حيث يبدو بهذا التأخُّرِ في هذه المراتبِ، حتى أصبحَ القمرُ تقويماً في كبد السّماء؛ لِتَعلموا عددَ السِّنينَ والحسابَ؟ إنه الله رب العالَمين.

شيءٌ آخرُ، إنّ كتلةَ القمرِ جزءٌ من ثمانين جزءاً مِن كتلةِ الأرضِ، وتعادِلُ الجاذبيةُ على سطحِ القمرِ سدْسَ جاذبيّةِ الأرضِ، فالإنسانُ الذي يزنُ على الأرضِ ستِّين كيلو غراماً يزنُ على القمرِ عشرةَ كيلو غرامات، لذلك الجاذبيّةُ فيه أَقَلُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015