إنّ كلمةَ المجرّاتِ نسمعُها كثيراً، ونقرأُ عنها الشيءَ الكثيرَ، ولكنّ الحقائقَ التي اكتُشِفَتْ حديثاً تكادُ لِعَظَمَتِها لا تُصَدَّقُ.

إنّ المجرّاتِ جُزُرٌ كونيّةٌ هائلةٌ، تكوِّن وحداتِ الكونِ الأساسيّةَ، فالمجرّاتُ غبارٌ كونيٌّ، وسُدمٌ، ونجومٌ، وكواكبُ، ومذنّباتٌ، ونيازكُ، وشُهبٌ، ومجالاتٌ مغناطيسيّةٌ كهربيّةٌ عنيفةٌ، كلُّ هذا في المجرّةِ الواحدةِ، والشيءُ الغريبُ أنَّ أكبرَ مرْصدٍ على وجهِ الأرضِ رصَدَ ألفَ مليونِ مجرّةٍ، غيرَ أنّنا لا نرى بالعينِ المجرَّدةِ إلا ثلاثَ مجرّاتٍ، إذا نَظَرْنا إلى قبّةِ السماءِ نرى درْب التَّبَّابنةِ، ومجرّة مَاجِلاَّن الصغرى، والكبرى، أمّا المراصدُ الكبيرةُ فقد رصَدَتْ ما يزيدُ على ألف مليون مجرّة، بل إنّ تقديراتِ العلماءِ أنّ في السماءِ مليونَ مَليون مجرّةٍ، وإنّ عدد النجوم في كل منها يقترب من مليون نجم، لذلك قال تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 75-76] .

لنأخذ على ذلك درْبَ التَّبَّابنةِ، وهي مجرّتنا، التي نحن جزءٌ صغيرٌ منها، طولُها يزيد على مئة وخمسين ألفَ سنةٍ ضوئيّةٍ، على حين أننا نبعدُ عن القمرِ ثانيةً ضوئيّةً واحدةً، ونبعدُ عن الشّمسِ ثماني دقائقَ، المجموعةُ الشّمسيّةُ مِن أقصاها إلى أقصاها لا تزيدُ على ثلاث عشرةَ ساعةً ضوئيّةً، أمّا مجرّتُنا فطولُها يزيدُ على مئة وخمسين ألفَ سنةٍ ضوئيةٍ، وشكْلُها كالمغزلِ.

الشيءُ الغريبُ والجديدُ أنّ هذه المجرّاتِ تدور حولَ نقطةٍ موهومةٍ في الفضاءِ الخارجيِّ، تدور حولَ هذه النّقطةِ بسُرعةٍ لا تكاد تُصَدَّق، إنّها تدور بسُرعةٍ تعادِلُ ثمانيةَ أعشارِ سرعةِ الضّوءِ، والضّوءُ يقطعُ في الثانيةِ الواحدةِ ثلاثمئة ألف كيلو متر، إنّ هذه المجرّاتِ تسيرُ بِسُرعةٍ بَيْنَ سبعةٍ وثمانيةِ أعشارٍ مِن سُرعةِ الضّوءِ.

المجموعةُ الشّمسيّةُ على سبيلِ المثالِ، تدورُ حولَ نقطةٍ في مجرّتنا، تستغرقُ دورتُها حول هذه النّقطةِ مئتين وخمسين مليون سنةٍ، وسرعتُها تزيدُ على سبعةِ أعشارِ سرعةِ الضّوءِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015