والكمالُ لله وحده، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم معصومٌ بمفرِده، وأمّته معصومةٌ بمجموعِها، ولأَنّ كلّ طالبِ علمٍ قد تفوّقَ في جانبٍ، وتفوّق غيرُه في جانبٍ آخرَ؛ فلا بد من العلمِ من الأخذِ والعطاءِ، ولأنّ كلَّ إنسانٍ يُؤْخَذُ منه ويُرَدُّ عليه إلا صاحبَ القبّة الخضراء؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإني أنتظر من الإخوة القراء - كما عوّدوني في كتبي السابقة - تنفيذاً لوصية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال: (أَحَبُّ الناسِ إِليَّ مَن رَفَعَ إِليَّ عيوبِي) أن يتفضّلوا بإبداءِ ملحوظاتِهم حولَ مضامينِ الموسوعةِ العلميةِ، والأدلةِ القرآنية والنبوية، والاستدلالاتِ والاستنباطاتِ التي رَبطت بينَ حقائقِ العلمِ وحقائقِ الدينِ؛ لآخُذَ بها في الطبعاتِ القادمةِ، إن شاء الله تعالى، فالكتابُ لا يزيد على محاولةٍ متواضعةٍ لبيانِ أنّ الذي خَلَقَ الأكوانَ هو الذي أنزلَ القرآنَ، وهو الذي أرسلَ النبيَّ العدنانَ صلى الله عليه وسلم ليكونَ هادياً للأنامِ، فإنْ أصبتُ فمِن توفيقِ اللهِ وفضلهِ، وإنْ لم أُصِبْ فمِن تقصيري وضعفِ حيلتي.
فالحقُّ فوقَ الجميعِ، والمضامينُ فوق العناوينِ، والمبادئُ فوقَ الأشخاصِ، فالمؤمنونَ بعضُهم لبعض نَصَحَةٌ متوادُّون، والمنافقون بعضهم لبعضٍ غَشَشَةٌ متحاسدون، ويُروى أن إماماً لقي غلاماً وأمامه حفرةٌ، فقال له: إيّاك يا غلامُ أن تسقطَ، فقال له الغلامُ: بل إيّاك يا إمامُ أن تسقطَ؛ إنّي إنْ سقطتُ سَقطتُ وحدي، وإنك إنْ سقطتَ سقطََ معك العالَمُ، لذلك ما من أحدٍ أصغرُ مِن أن يَنقدَ، وما من أحد أكبرُ مِن أنْ يُنقَدَ.
ولا يَسَعُني هنا إلا أنْ أدعوَ فأقولَ: جزى اللهُ عنا سيدَنا محمداً صلى الله عليه وسلم ما هو أهلُه، وجزى عنا أصحابَه الكرامَ ما هم أهلُه، وجزى عنا والدِينا، وأساتذتنا، ومشايخَنا، ومَن علّمنا، ومَن له حقٌّ علينا ما هم أهله.