فمن الثابتِ أنّ من أسبابِ قوّةِ التأثيرِ الموضوعيةِ، ربط الأهدافِ بالوسائلِ، وربطَ الأصالةِ بالحداثةِ، وربط الثوابتِ بالمتغيِّراتِ، وربطَ القديمِ بالحديثِ، وربطَ الإسلاممِ بالحياةِ، فهو دينُ الفطرةِ، ودينُ الواقعِ، ودينُ العلمِ، ودينُ الوسطيةِ التي جمعتْ بين الحاجاتِ والقيمِ، وبينَ المبادئ والمصالحِ، وبينَ المادةِ والروحِ، وبين الدنيا والآخرةِ.

وانطلاقاً من هذه القناعاتِ الإيمانيةِ الثابتةِ، والرؤيةِ الموضوعيةِ لِما ينبغي أنْ يكونَ الخطابُ الدينيُّ المعاصرُ، كنتُ أحرصُ في خطابي الإسلاميِّ بكل أُطُرِه وأنماطِه، وأشكالِه وألوانِه، سواءٌ في المساجدِ، أو في الجامعاتِ، أو في المؤسّساتِ الدعويةِ، أو في المراكزِ الثقافيةِ، أو في وسائلِ الإعلامِ المحليةِ، والعربيةِ، والإسلاميةِ، والدوليةِ، كنتُ أحرصُ على أنْ أجمعَ بين حقائقِ الدينِ، وحقائقِ العلمِ، لتترسّخَ حقيقةٌ غابتْ عن كثيرٍ من المسلمين، هي أنّ الذي خلَقَ الأكوانَ هو الذي أنزل القرآنَ، وأنّ الحقَّ دائرةٌ تتقاطعُ فيها خطوطُ النقلِ الصحيحِ، والعقلِ الصريحِ، والفطرةِ السليمةِ، والواقعِ الموضوعيِّ؛ لذلك لا تغيبُ الفقرةُ العلميةُ عن كلِّ خطاباتي الدينيةِ.

وهذا الكتابُ في حقيقتِه مجموعُ الموضوعاتِ العلميةِ التي أُلقِيَتْ خلالَ ثلاثين عاماً في الدعوة إلى الله، جُمِعَتْ، ونُسِّقَتْ، ونُقِّحتْ، وعُرِضَتْ على متخصّصين في العلومِ التي تناولتها، وأُخِذَ بملحوظاتِهم، وقد أثبَتُ في قائمةِ المصادرِ والمراجعِ قائمةَ المصادرِ والمراجعِ المتعلّقةِ بالإعجازِ العلميّ في الكتابِ والسنةِ التي كانت جزءاً رئيساً من مكتبتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015