فَقالَ: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذا عِلْماً، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا سَمْعِتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ"، قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ عُمَرُ، ثُمَّ انْصَرَفَ.
قال الفقهاءُ: "إنّ استعمالَ الدواءِ المقطوعِ بفائدتِه بإخبارِ الأطباءِ لعلاجِ مرضٍ يقعِدُ المريضَ عن القيامِ بواجباتِه تجاهَ اللهِ وتجاهَ الناسِِ، أو مرضٍ يؤدِي بحياتِه، أو بعضوٍ من أعضائِه واجبٌ دينيٌّ يرقى إلى مستوى الفرضِ".
وهنا محلُّ الإشارةِ إلى أنّ الطبَّ في الإسلامِ اختصاصٌ، وفي الحديث عَنْ عَمْرِو ابْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ - أي معرفة بالطب - فَهُوَ ضَامِنٌ".
ومِن دلائلِ نبوّةِ النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيْبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ".
وفي هذا الحديثِ معانٍ عظيمةٌ، فقوله صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ" يرفعُ روحَ المريضِ المعنويةَ، وحالتَه النفسيةَ التي تساعدُ كثيراً على شفائِه من مرضِه، وفي هذا الحديثِ الشريفِ تشجيعٌ للعلماءِ والباحثين على الاجتهادِ والبحثِ عن دواءٍ لكلِّ داءٍ لم يُكتشَفْ له علاجٌ، وفي هذا الحديثِ الشريفِ تنبيهٌ إلى دقةِ التشخيصِ وصولاً لاختيارِ العلاجِ المناسبِ.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ" فيه إشارةٌ إلى ضرورِ دقةِ التشخيصِ للمرضِ، وإشارةٌ إلى ضرورةِ حُسْنِ اختيارِ الدواءِ المناسبِ لهذا المرضِ، من حيث النوعُ والكمُّ، وتقصِّي أقلِّ الأعراضِ الجانبيةِ حدوثاً.