يقول أحد العلماء: "هناك جهازٌ خاصٌّ للشفاءِ الذاتيِّ، لم تأتِ على ذِكْرِه فهارسُ كتبِ الطبِّ أو قواميسُه، وهناك حالاتٌ مَرَضِيَّةٌ مستعصيةٌ شُفِيَتْ على نحو غامضٍ، ودونَ سببٍ واضحٍ"، مِن هذه الأجهزةِ التي أُوكِلَ إليها الشفاءُ الذاتيُّ جهازُ المناعةِ، وهو مِن الأجهزةِ الرائعةِ التي أَبْدَعَها الخالقُ، ليس لها مكانٌ تشريحيٌّ ثابتٌ، جهازٌ جوّالٌ، وهو مبرمجٌ ليعرفَ أيّةَ خليةٍ غريبةٍ غيرَ خلايا الجسدِ ليقومَ بتدميرِها، وأهمُّ ما في هذا الجهازِ ذاكرتُه العجيبةُ، فهو لا ينسى أبداً، فهو سلاحٌ يواجِهُ عدواً من أمدٍ طويلٍ، ولولا هذه الذاكرةُ العجيبةُ لجهازِ المناعةِ المكتسبِ لم يكنْ هناك فائدةٌ إطلاقاً من التلقيحِ ضدَّ الأمراضِ، هذه الخلايا خلايا جهازِ المناعةِ تُصنعُ في نِقْي العظامِ، وتعدُّ إعداداً خاصاً وقوياً في الغدةِ الصعتريةِ تحتَ عظمةِ الصدرِ، وكأنّ هذه الغدةَ معهدُ إعدادِ المصارعين، وهذه الخلايا هي خطُّ الدفاعِ الأولُ في الجسمِ، كما تقومُ هذه الخلايا بحمايةِ الجسمِ من مرضِ السرطانِ، ولعل هذا مِن أبرزِ خصائصِها، وإنّ من هذه الخلايا ما هو خلايا مستطلعةٌ تتعرَّفُ إلى الجرثومِ، أو إلى الخليةِ الغريبةِ، فتأخذُ شِفرتَها، وتذهبُ بهذه الشفرة إلى الخلايا المصنعةِ كي تصنعَ سلاحاً مدمراً لها، وبعضُ هذه الخلايا تصنعُ الدواءَ المضادُّ، أو المصلَ المضادَّ، وبعضُها خلايا مقاتلةٌ تحملُ هذا السلاحَ، وتذهبُ إلى أرضِ المعركةِ لتقضيَ على هذا الجرثومِ، وبعضُها خلايا ملتهِمةٌ، هذه الخلايا يهاجمُها فيروسُ الإيدزِ فيدمِّرُها، لذلك يُعَدُّ مرضُ الإيدز أخطرَ مرضٍ يصيبُ البشريةَ اليومَ؛ والذي يسبِّبُ تدميرَ جهازِ المناعةِ المكتسبِ، الذي يحقِّقُ الشفاءَ الذاتيَّ.

مِن أطرفِ وظائفِ هذه الخلايا، وهذه بشارةٌ لمن أراد أن يقلعَ عن التدخينِ أنّ بعضَها يذهبُ إلى الرئتين، ويلتهمُ بعضَ ما عَلِقَ بالشعبِ الهوائيةِ من آثارِ، وشوائبِ التدخينِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015