مرضُ السّكريِّ، هذا المرضُ الشائعُ أساسُه أنّ اللهَ سبحانه وتعالى أوْدَعَ في الإنسانِ غدّةً اسمُها البنكرياسُ، وهي غدّةٌ عجيبةٌ، فإذا نزل الطعامُ إلى المعدةِ، وتفاعلَ مع العصاراتِ الهاضمةِ صار قِوامهُ حامِضيّاً، والقِوامُ الحامضيُّ يُنبِّهُ أعصاباً أوْدعَها اللهُ في جدارِ الأمعاءِ، هذه الأعصابُ تنبّهُ مراكزَ في المخِّ، الذي يأمُرُ البنكرياسَ بِفَرْزِ موادَّ وعصاراتٍ تُعدِّلُ حُموضةَ الطعامِ، فأوّلُ وظيفةٍ خطيرةٍ للبنكرياسِ أنّه يفرزُ بأمْرٍ من الدّماغِ موادَّ وعصاراتٍ تجعلُ الطعامَ قلوِيّاً، هذه هي الوظيفةُ الأولى.
والوظيفة الثانيَةُ؛ يحوِّلَ السُّكرَ المخزونَ في الكبدِ، والعضلاتِ، مِن سُكرٍ تَخزينيٍّ، إلى سُكّرٍ قابلٍ للاحتراقِ، فالسُّكرُ نوعانِ: سكّرٌ للتخزينِ، وسكّرٌ للاستهلاكِ، فلا بدّ مِن أنْ يتدخَّلَ هرمونٌ مِنَ البنكرياسِ كي يحوِّلَ هذا السُّكرَ من حالةٍ إلى حالةٍ.
والوظيفةُ الخطيرةُ جدّاً، وهي الثالثةُ أنّ البنكرياسَ يفرزُ الأنسولينَ ليمكِّنَ من استهلاكِ السكّرِ، وإحراقِهُ، فإذا قصَّرَ البنكرياسُ في إفرازِ الأنسولينِ ظهرَ السكّرُ في البولِ، وضعُفَ احتراقُ هذه الموادِّ في الجسمِ، إنها غدَّةٌ صغيرةٌ لا نعبأُ بها، تقومُ بأخطرِ الأعمالِ، هذا من صُنعِ الحكيمِ الخبيرِ، هذا من صُنْعِ الخالقِ، قال تعالى: {وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] .
في الجسمِ مِنَ الآياتِ ما لو أمْضيْنا الحياةَ كلَّها في التأمُّلِ في دقائِقها لَمَا انتهيْنا مِن ذلك، فسبحانَ اللهِ ربِّ العالمينِ، الذي خَلَقَ الإنسانَ، فصوَّرَهُ، وأحْسنَ تصويرَهُ، والذي صنَعَ الإنسانَ، فأتْقنَ صُنعَهُ.
ما هو الطِّحالُ؟ هذا الجهازُ العجيبُ، هذا العضوُ الخطيرُ الذي لو كُفَّ عن عملِه، أو زادَ نشاطُه لانتهتْ حياةُ الإنسانِ.
الطحالُ جهازٌ، أو عضوٌ، أو غدةٌ، سَمِّهَا ما شئتَ، لا يزيدُ وزنُه على مئتي غرامٍ، لونُه أحمرُ قانٍ، تصلُه بالدمِ أوعيةٌ دمويةٌ كبيرةٌ، وشريانٌ، ووريدٌ طحاليٌّ، في داخلِه حجبٌ، مقسَّمٌ إلى مساكنَ، وتحيطُ به عضلاتٌ، تتقلَّصُ فتفرغُ ما فيه من الدمِ الاحتياطيِّ.