إن في وسطِ الدماغِ البشريِّ غدّةً صغيرةً، حجمُها كحجمِ حبّةِ الذرةِ البيضاءِ، تُدعَى الغدّةَ الصنوبريةَ، يقولُ عالِم كبيرٌ جداً في بلدٍ متقدِّم - بالمقياسِ الماديِّ طبعاً - لطلابِه: "إنّ الغدةَ الصنوبريةَ غدةٌ عديمةُ الفائدةِ، لا وظيفةَ لها، ولا نشاطَ، وليس لها أدنى دورٍ في جسمِ الإنسانِ"، قال تعالى: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85] .
كلامٌ يلقِيه عالِمٌ كبيرٌ في الطبِّ، في علمِ التشريحِ على طلابِه، ثم يكتشِفُ بعد ذلك أنّ هذه الغدةَ أوَّلُ غدةٍ تتكوَّنُ في الجنينِ، وآخِرُ غدةٍ تبيحُ بأسرارِها لعلمِ الطبِّ، هذه الغدةُ تفرزُ هرموناً موجوداً في كلّ الكائناتِ الحيَّةِ؛ من نباتٍ، وحيوانٍ، وإنسانٍ، حتى وحيدةِ الخليةِ، فيها هذا الهرمونُ، وإنّ تماثلَ هذا الهرمونُ في كلِّ الكائناتِ الحيةِ شيءٌ نادرٌ وعجيبٌ، فلا يُفرَزُ هذا الهرمونُ إلا ليلاً، يقولُ العلماءُ عنه اليومَ: "إنه من أكثرَِ الموادِّ فعاليةً في جسمِ الإنسانِ؛ يساعدُ الجسمَ على مكافحةِ الجراثيمِ والفيروساتِ، ويساعدُ الجسمَ على النومِ المريحِ، وعلى تحسينِ نوعيةِ النومِ، يساعدُ الجسمَ على الإقلالِ من حدوثِ أمراضِ شرايينِ القلبِ، ويخفِّفُ من أعراضِ السفرِ الطويلِ، ويزيدُ في حيويةِ الكائنِ الحيِّ، وفي قوةِ عضلاتِه، بل يكادُ هذا الهرمونُ يكونُ العنصرَ الأولَ في حيويةِ الإنسانِ، وفي صحتِه، وسلامةِ وظائفِ أعضائِه".
أردتُ من هذا كلِّه التنبيهَ إلى أنّ هذا الذي يقولُ: "إنّ الغدةَ الصنوبريةَ غدةٌ عديمةٌ الفائدةِ، لا وظيفةَ لها، ولا نشاطَ، وليس لها أدنى دورٍ في جسمِ الإنسانِ" مجانبٌ للصواب في قوله، الذي لا أساسَ له من الصحّةِ، فليس كلُّ مقروءٍ صحيحاً، وما كلُّ شيءٍ نسمعهُ صوابٌ وحقٌّ.
هذه الغدةُ تُفرزُ أهمَّ هرمونٍ في جسمِ الإنسانِ، فلو ألغَيْنَا هذا الهرمونَ لحَكَمْنا على الإنسان بالموت.