والكرياتُ البيضاءُ بمنزلة جيشِ الدفاعِ، ومرضُ الإيدزِ هو قتلٌ لهذه الكرياتِ البيضاءِ، وبسببِه يموتُ الإنسانُ بأقلِّ إصابةٍ جرثوميَّةٍ، ويمثِّلُ جهازُ الدفاعِ جيشاً بكلِّ معاني هذه الكلمةِ.
قسمُ استطلاعٍ؛ يستطلعُ العدوُّ، وأسلحتَه، وخصائصَه.
وقسمٌ يصنِّعُ الأسلحةَ، وقسمٌ يحاربُ.
فثلاثةُ عناصرَ: عنصرٌ استطلاعيٌّ - استخباراتي - وعنصرُ تصنيعِ أسلحةٍ، وعنصرُ مواجهةٍ للعدوِّ، هذا الجهازُ الدفاعِيّ خمسةٌ وعشرون ألفَ مليونَ كريةٍ بيضاءَ، وتريليونٌ واحدٌ صفيحاتٌ دمويةٌ، هذه الصفيحاتُ لولاها لَنَزَفَ دمُ الإنسانِ من جُرْحٍ بسيطٍ، فإذا حدَثَ جرحٌ تتوجَّه هذه الصفيحاتُ إليه، وتتلاحمُ، وتغلقُ هذا الجرحَ.
الذي يلفِتُ النظرَ أنّ في الدمِ مادةً تُعِينُ على لزوجةِ الدمِ، فلولا هذه المادةِ لخرجَ من الإنسانِ ألفُ سنتيمترٍ مكعَّبٍ في ستِّ دقائقَ، بفضلِ هذه المادةِ الألفُ سنتيمتر مكعب لا تخرجُ إلا في ثلاثينَ دقيقةً، لأن اللزوجةَ أساسيَّةٌ في الدمِ.
إنّ في الدمِ عناصرَ تجلِّطُ الدمَ، وعناصرَ تميّعُه، ومِن توازنِ هذين العنصرين يبقى الدمُ بهذه الحالةِ العجيبةِ، لا هو من السيولةِ بحيث ينزفُ دمُ الإنسان كلُّه في وقتٍ قصيرٍ فيموتُ، ولا هو من اللزوجةِ. بحيثُ يبقى كالوحلِ في الشرايينِ، إنه وضعٌ دقيق جداً بين اللزوجةِ والميوعةِ.
إنَّ بحثَ الدمِ وحده أكبرُ آيةٍ دالةٍ على عظمة اللهِ، بلازما الدمِ، مكوناتُ البلازما، الكرياتُ الحمراءُ، والبيضاءُ، والصفائحُ، لذلك: {وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] .