كان أكثر كلام الحسن في خواطر القلوب، وفساد الأعمال، ووساوس النفس، والصفات الخفية الغامضة من شهوات النفس، وقد قيل له: يا أبا سعيد إنك تتكلم بكلام لا يسمع من غيرك، فمن أين أخذته؟ قال: من حذيفة بن اليمان، وقيل لحذيفة: نراك تتكلم بكلام لا يسمع من غيرك من الصحابة فمن أين أخذته؟ قال: خصني به رسول الله: كان الناس يسألونه عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه، وعلمت أن الخير لا يسبقني علمه (?).
عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا شاب قلت لشاب من الأنصار: يا فلان، هلم فلنسأل أصحاب رسول الله ولنتعلم منهم، فإنهم كثير.
قال: العجب لك يا ابن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب رسول الله؟ قال: فتركت ذلك وأقبلت على المسألة، وتتبع أصحاب رسول الله، فإن كنت لآتي الرجل في الحديث يبلغني أنه سمعه من رسول الله، فأجده قائلاً (راقدًا في وقت القيلولة) فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الريح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: يا ابن عم رسول الله: مالك؟
فأقول: بلغني حديث عنك أنك تحدثه عن رسول الله، فأحببت أن أسمعه منك.
قال: فيقول: أنا أحق أن آتيك. فكان الرجل بعد ذلك يراني وقد ذهب أصحاب رسول الله واحتاج الناس إليَّ فيقول: كنت أعقل مني (?).
قال إسماعيل بن يحيى المزني: قيل للشافعي: كيف شهوتك للعلم؟
قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعًا تتنعم به مثلما تنعمت به أذناي.
قيل له: فكيف حرصك عليه؟