ثم مضى إلى مسجد الرسول وبات فيه ليلته تلك، فلما انبلج الفجر وقف قريبًا من باب حجرة النبي عليه الصلاة والسلام، وجعل يترقب -في لهف وشوق- طلعة الرسول الأعظم من حجرته. فما أن وقع بصره عليه حتى تهللت على خديه دموع الفرح، وشعر كان قلبه يريد أن يقفز من بين جنبيه لتحيته والسلام عليه. ولما قضيت الصلاة، قام النبي - صلى الله عليه وسلم - على عادته يتصفح وجوه الناس فنظر إلى الفتى المزني، وقال: ممن أنت يا فتى؟ فانتسب له، فقال له: ما اسمك؟ فقال: عبد العزى، فقال له: بل عبد الله، ثم دنا منه وقال: انزل قريبًا منا وكن في جملة أضيافنا، فصار الناس منذ ذلك اليوم ينادونه عبد الله. ولقبه الصحابة الكرام "بذي البجادين" بعد أن رأوا بجاديه، ووقفوا على قصته. (?)

الإيمان الحق

أخرج ابن عساكر عن أنس -رضي الله عنه - قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد والحارث بن مالك راقد، فحركه برجله وقال: ارفع رأسك فرفع رأسه، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال: كيف أصبحت يا حارث بن مالك؟ قال: أصبحت يا رسول الله مؤمنًا حقًا، قال: إن لكل حق حقيقة فما حقيقة ما تقول؟ قال: عزفت نفسي عن الدنيا، وأظمأت نهاري، وأسهرت ليلي، وكأني أنظر إلى عرش ربي، وكأني أنظر إلى أهل الجنة وهم يتزاورون، وإلى أهل النار يتعاوون، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنت امرؤ نوَّر الله قلبك، عرفت فالزم" رواه البيهقي والحاكم.

هل نظرت إلي حقيقة إيمانك وحاسبت نفسك قبل أن تحاسب؟

رجل من أهل خيبر

جاء أن عبدًا حبشيًا لرجل من أهل خيبر كان يرعى غنمًا لهم، عمد بغنمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه رسول الله ما شاء الله أن يكلمه، فقال الرجل: ماذا تقول وماذا تدعو إليه؟ قال: "أدعوك إلى الإسلام وأن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وألا تعبد إلا الله. قال العبد: وماذا يكون لي إن شهدت بذلك وآمنت بالله تعالى؟ قال رسول الله: "لك الجنة على ذلك". فأسلم العبد، وقال: يا رسول الله، إني رجل أسود اللون، قبيح الوجه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015