فقال الفضيل: تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا (يقصد أن عدم نصحه كقتله).
فقال له الرشيد: زدني يرحمك الله. فأخذ يعظه وينصحه، ثم قال له: يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل، وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة" متفق عليه.
فبكى هارون وقال له: أعليك دين أقضيه عنك؟
فقال: نعم، دين لربي لم يحاسبني عليه، والويل لي إن ناقشني، والويل لي إن لم ألهم حجتي.
قال: إنما أعني من دين العباد. قال: إن ربي لم يأمرني بهذا، أمر لي أن أصدق وعده وأطيع أمره.
فقال الرشيد: هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك، وتقو بها على عبادة ربك.
فقال الفضيل: سبحان الله، أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا، سلمك الله ووفقك، ثم صمت فلم يكلمنا، فخرج الرشيد وصاحبه (?).
مر رجل على أبي الدرداء وهو يزرع، فقال: أتغرس هذه وأنت شيخ كبير؟ هذه لا تطعم إلا في كذا وكذا عامًا.
فقال أبو الدرداء: ما علي أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري (?).
ويقول البنا: حرام على الأمة التي تقرأ في كتابها من الثناء على داود عليه السلام {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)} [سبأ: 10 - 11]. وتقرأ {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)} [الأنبياء: 80]، ثم لا يكون فيها مصنع للسلاح؟ ثم تقرأ في كتابها {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا