فإني محتاج، وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ " قلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالاً فرحمته وخليت سبيله، قال: "أما إنه كذبك وسيعود"، فرصدته الثالثة. فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا آخر ثلاث مرات إنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود! فقال: دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلي فراشك فاقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] حتى تختم الآية، فإنها لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما فعل أسيرك البارحة؟ " قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: "ما هي؟ " فقلت: قال لي: إذا أويت إلي فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وقال لي: لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان، حتى تصبح. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ " قلت لا، قال: "ذاك شيطان" [رواه البخاري].
صدقت نبوءة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أنه سيعود؛ ولذلك تربص به أبو هريرة، فاعلم بأن الشيطان سيعود إليك دائمًا ويوسوس لك، لتفعل المعاصي فهل تتربص به، وتنتبه لوساوسه؟
4 - الثقة في القيادة
رأينا أعداء الإسلام يستخدمون سلاح التشكيك في القيادة في كل وقت، كما حدث بعد أن أمر الرسول بإحراق نخل يهود بني النضير، فقالوا: يا محمد، قد كنت تنهي عن الفساد وقطع الشجر، فما بالك تفعله؟
فحاك ذلك في صدور بعض المسلمين فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5] (?).
وكان صلح الحديبية 6 هـ على خلاف أكثر الآراء والأهواء والرغبات، ولكن القيادة ذات الرؤية (الأبعد والأثقب) رأت إنفاذه، فكان من الجنود السمع والطاعة والالتزام