وأصحابك، وأشار بهذا إلى أن الانبساط في بيوت الإخوان من الصفاء في الأخوة، كيف وقد قال تعالى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61] وقال: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} إذ كان الأخ يدفع مفاتيح بيته إلى أخيه ويفوض له التصرف كما يريد.
وكان أبو جعفر محمد بن علي يدعو نفرًا من إخوانه كل جمعة فيطعمهم الطعام الطيب، ويطيبهم، ويبخرهم، ويروحون إلى المسجد من منزله.
ولله در الإمام أحمد بن حنبل حين يقول: لو أن الدنيا جمعت في مقدار لقمة، ثم أخذها المرء المسلم فوضعها في فم أخيه المسلم لما كان مسرفًا.
وقال عبد الله بن عثمان شيخ البخاري: ما سألني أحد حاجة إلا قمت له بنفسي، فإن تمت وإلا قمت له بمالي، فإن تمت وإلا استعنا له بالإخوان، فإن تمت وإلا استعنا له بالسلطان.
ودخل علي بن زين العابدين بن الحسين على محمد بن أسامة بن زيد يعوده، فبكى ابن أسامة، فقال له: ما يبكيك؟
قال: عليّ دين.
قال: وكم هو؟
قال: خمسة عشر ألف دينار.
فقال: هي عليّ.
وقال الهيثم بن جميل: جاء فضيل بن مرزوق إلى الحسن بن حسين فأخبره أنه ليس عنده شيء، فقام الحسن فأخرج ستة دراهم، وأخبره أنه ليس عنده غيرها.
فقال: سبحان الله ليس عندك غيرها وأنا آخذها، فأخذ ثلاثة وترك ثلاثة.
قال ابن رجب في لطائف المعارف: كان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم، اغتنامًا لأجر ذلك: منهم: عامر بن عبد قيس، وعمرو بن عتبة بن فرقد، مع اجتهادهما في العبادة في أنفسهما، وكذلك كان إبراهيم بن أدهم يشترط على أصحابه في السفر الخدمة والأذان.