إن المشركين يواجهون الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويخاطبونه باستهزاء وتهكم، فيخبره الله بما كان مع الرسل من قبله، قال تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10].
ويقال في سبب نزول الآية إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبي جهل بن هشام، فهمزوه واستهزأوا به، فغاظه ذلك، فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من أمرهم، ولما ذكر الله عز وجل شجرة الزقوم تخويفًا لقريش قال أبو جهل متهكمًا ساخرًا: يا معشر قريش، هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا: لا، قال: عجوة يثرب بالزبد! والله لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزقمًا (أي نبتلعها) فأنزل الله قوله: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان: 43 - 46]. وهذا أسلوب مستمر بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن.
وعلى المسلم ألا يهتم بنقيق الضفادع، وعواء الكلاب، وخوار البقر، ورغاء الجمال، وُيعار التيوس.
ب- الاتهام بالكذب: قال تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} [الأنبياء: 5] وما زلنا نسمع تهمًا تكال للدعاة إلى الله.
ج- الاتهام بالجنون: قال تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6] ويجتمع الطغاة جميعًا على مر العصور على وصف الدعاة بالجنون.
د- الاتهام بالسفاهة والضلالة: قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13] هذا هو منطق الفراعنة في كل زمان ومكان، منطق الطواغيت مع الرسل وأتباع الرسل.
هل الذي ينادي بتحكيم شرع الله يتهم بالسفاهة؟
هل الذي يدافع عن أرضه في فلسطين يتهم بالضلال؟
هـ- الاتهام بالسحر: قال تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [ص: 4].
و- التهديد بالضرب والرجم: قال تعالى: {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ