كافراً من بني عامر بن لؤي ومولى معه وكتب معهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله الوفاء -أي أن يرد إليهم من جاءه مسلمًا- فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا للنبي: العهد الذي جعلت لنا فيه، فدفعه رسول الله إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك يا فلان هذا جيدًا، فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله: "لقد رأى هذا ذعراً" فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد -والله- أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم [رواه أحمد].
7 - الثبات عند الزحف:
حين تتقابل الصفوف والرايات في ساحة من الساحات يكون الثبات أول ما يطلب من جند الحق امتثالاً لأمر الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45].
ومن هنا نرى ثبات جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في مؤتة فلم تسمح نفسه الأبية بتنكيس الراية حتى بعد قطع كلتا يديه، فما كان منه إلا أن احتضنها بعضديه فكان جزاؤه من مثل عمله حين أبدله الكريم عوضًا عنهما جناحين في الجنة، قال تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 16].
الجهاد
قاد يوسف طلعت معركة "دير البلح" التي استشهد فيها اثنا عشر من مجاهدي الإخوان المسلمين، وحين عقدت الهدنة لتسليم الجثث وحضرها قائد إنجليزي تفقد الجثث، فوقف مذهولاً لأنه لاحظ أن جميع الإخوان مصابون في صدورهم، ودار نقاش علم منه الإنجليزي أن من صفات المؤمنين أن يقبلوا في المعارك ولا يولوا الأدبار، فقال القائد الإنجليزي: "لو أن عندي ثلاثة آلاف من هؤلاء لفتحت بهم الدنيا" (?).