فتفسد صلاته، وإذا لم يكن معه إناء به ماء لم يستطع أن يتطهر لصلاته، وإذا لم يكن معه مقص لم يستطع أن يقص شاربه كما أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
تُذم الأسباب إذا تعلق القلب بها وحدها ونسي مسببها، وقد ذكر القرآن لنا نموذجًا من الاعتماد على الأسباب الظاهرة وحدها، فإذا هي لا تحقق نتائجها: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].
لا تنس أن الله معك، فما تعجز عنه الأسباب المادية تكمله القدرة الإلهية، فقد قال بنو إسرائيل لموسى: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء: 61 - 62].
وفي الغار قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] بعد أن أخذ بكل الأسباب، هيأ من يبيت في فراشه -علي بن أبي طالب- ومن يرافقه في الطريق -أبو بكر الصديق- ومن يدله على الطريق -عبد الله بن أريقط- ومن يأتي بالزاد -أسماء بنت أبي بكر- ومن يعفي آثارها بغنمه -عامر بن فهيرة-: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].
وفي غزوة بدر: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] وفي غزوة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] وقال تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25].
ولقد أخذ سيدنا إبراهيم هاجر وابنها الرضيع سيدنا إسماعيل، وسار بهما في الصحراء، حتى وصلوا إلى بيت الله الحرام، فوضعهما في هذا المكان، وليس معهما إلا قليل من التمر، وإناء به ماء، ثم تركهما وهمَّ بالانصراف، فأسرعت هاجر وراءه وهي