يقول الأستاذ البهي الخولي في "تذكرة الدعاة":
ولقد كتب ابن المبارك هذا الكلام لصديقه في وقت لم يكن فيه الجهاد فرض عين، ومع هذا وصف عبادته بأنها لعب، وهي عبادة تقع في أشرف بقعة على ظهر الأرض، ترى ماذا كان يقول ابن المبارك لصديقه لو أن الجهاد فرض عين؟
وماذا كان يقول عن العبادة لو أنها كانت في غير المسجد الحرام؟!
حدث أكثر من مرة أن قاد صلاح الدين وهو مريض، وأخذ ينظم جيوشه ويقاتل أعداءه، وهو يعاني آلام المرض، وابن شداد يتعجب من ذلك فيرد عليه صلاح الدين قائلاً: إذا ركبت يزول عني ألمها.
يقول فتحي يكن: "الداعية لا تكون دعوته بحمل الأفكار والنظريات المجردة إلى من حوله .. قبلوها أم رفضوها، وإنما أن يعيش هذه الأفكار معهم، ويترجمها لهم على أرض الواقع أفعالاً وأخلاقًا وممارسات، والداعية لا تكون دعوته بمفاصلة الناس وإقامة الحجة عليهم، وإنما بأخذ كل الأسباب التي تؤدي إلى هدايتهم.
فهو من موقع الحب لهم، والغيرة عليهم، والرحمة بهم يكابد من أجل استنقاذهم من حمأة الجاهلية وشقوتها إلى نعيم الإسلام، ولذلك فهو لا يسارع إلى مدابرتهم ومقاطعتهم ومفاصلتهم، وهذا كله يحتاج منه إلى حلم ورفق.
إن على الداعية أن يعتبر نفسه مربيًا للناس ومعلمًا لهم، وإن عليه ليكون ناجحًا في تربيته وتعليمه ألا يعاملهم كأنداد، وألا يتعامل معهم كند، وهو إن فعل ذلك أصبح مثلهم، وفقد عنصر القوامة عليهم، يقول الراشد: ولا يكون داعية اليوم إلا من يفتش عن الناس ويبحث عنهم، ويسأل عن أخبارهم، ويرحل للقائهم، ويزورهم في مجالسهم ومنتدياتهم، ومن انتظر مجئ الناس إليه في مسجده أو بيته فإن الأيام تبقيه وحده، ويتعلم فن التثاؤب (?).