جاء رجل إلى بشر بن الحارث الزاهد -المعروف ببشر الحافي- وقال له: عزمت على الحج (تطوعًا) أفتأمرني بشيء؟ قال له: كم أعددت للنفقة؟ قال له: أعددت ألفي درهم، فقال له بشر: فماذا تريد بحجك هذا: تزهدًا أو اشتياقًا إلى البيت الحرام، أو ابتغاء مرضاة الله؟ قال: بل ابتغاء مرضاة الله، قال له بشر: فإن أصبت مرضاة الله تعالى وأنت في منزلك، وتنفق ألفي درهم، وتكون على يقين من مرضاة الله تعالى، أتفعل ذلك؟ قال: نعم، قال: فاذهب فأعط هذا المال لعشرة أنفس: مدينًا يقضي دينه، وفقيرًا ترم شعثه، ومعيلاً (صاحب عيال) يغني عياله، ومُربي يتيم يفرحه، وإن قوي قلبك تعطيها واحدًا فافعل، فإن إدخال السرور على قلب المسلم، وإغاثة اللهفان وكشف الضر، وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجة الفريضة، قم فأخرجها كما أمرناك (?).
كشفت النشرة الدولية لأبحاث التنصير في العالم أن المبالغ التي تلقتها المنظمات التنصيرية كمعونات عام 1996، بلغت 193 مليار دولار، والجدير بالذكر أن عدد هذه المنظمات 22 ألفا و 350 منظمة تمتلك 3200 محطة إذاعة وتلفاز خاصة بها .. إلى غير ذلك من الإمكانات. فأين أعمال المسلمين لنجدة إخوانهم وتقديم النفع لهم؟
يقول البنا: من ظن أن الدين -أو بعبارة أدق الإسلام- لا يعرض للسياسة، أو أن السياسة ليست من مباحثه، فقد ظلم نفسه، وظلم علمه بهذا الإسلام، ولا أقول ظلم الإسلام فإن الإسلام شريعة الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وجميل قول الإمام الغزالي: اعلم أن الشريعة أصل وأن الملك حارس، وما لا أصل له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع .. فلا تقوم الدولة الإسلامية إلا على أساس الدعوة، حتى تكون دولة رسالة لا تشكيل إدارة، ولا حكومة مادة جامدة صماء لا روح فيها، كما لا تقوم الدعوة إلا في حماية تحفظها وتنشرها وتبغلها وتقويها (?).