4 - الأمانة:

عن أسلم مولى عمر -رضي الله عنهما- قال: بينما أنا مع عمر بن الخطاب، وهو يعس بالمدينة إذ عيى، فاتكأ على جاذب جدار في جوف الليل، وإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء.

قالت: يا أماه أو ما علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين؟

قالت: وما كان عزمته؟

قالت: إنه أمر مناديه فنادى لا يشاب اللبن بالماء.

فقالت لها: يا بنية قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنا بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر.

فقالت الصبية: والله ما كنت لأطيعه في الملأ، وأعصيه في الخلا، وعمر يسمع كل ذلك.

فقال: يا أسلم علِّم الباب واعرف الموضع، ثم مضى في عسسه فلما أصبح: قال: يا أسلم امض في الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها، وهل لهم من بعل؟ فأتيت الموضع فنظرت فإذا الجارية أيم لا بعل لها، فأتيت عمر فأخبرته، فدعا ولده فجمعهم فقال: هل فيكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية، فقال عبد الله: لي زوجة، وقال عبد الرحمن: لي زوجة، وقال عاصم: يا أبتاه لا زوجة لي فزوجني، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم فولدت له بنتًا، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز.

وهكذا كان عمر يتفقد الرعية بنفسه، ويعس في الليل ويقوم بواجبه نحو رعيته محتسبًا عند الله تعالى أجره، كما كان لمراقبة تلك الفتاة لربها وأمانتها الأثر الجميل والخير العميم في حياتها وفي آخرتها إن شاء الله.

أمانة في البيع والشراء

حُكي عن محمد بن المنكدر -رحمه الله- أنه كان له شقاق -جنس من الثياب- بعضها بخمسة، وبعضها بعشرة. فباع غلامه في غيبته شقة من الخمسيات بعشرة. فلما حضر ابن المنكدر، وعلم بذلك، صار يطلب المشتري طول النهار حتى وجده، وقال له: إن الغلام غلط، فباعك خمسة بعشرة.

فقال المشتري: يا هذا، قد رضيت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015