الروم مددًا لجيش المسلمين، فدب الرعب في قلوبهم، وفي الليل سحب خالد جيشه من المعركة تدريجيًا حتى لا يلاحقهم الروم. وهكذا استطاع أن ينقذ جيش المسلمين.
حاصر المشركون المدينة، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - حذيفة بن اليمان إلى معسكر المشركين، ليعرف أخبارهم، وما يتآمرون به ضد المسلمين، فتسلل حذيفة في الظلام حتى وصل إلى جيش المشركين، واندس بينهم، وبينما هم يتحدثون ويدبرون مكائدهم، أراد قائدهم أبو سفيان بن حرب أن يطمئن إلى أن مجلسهم لم يتسلل إليه أحد من المسلمين، فأمرهم أن يتعرف كل واحد منهم على من يجلس إلى جواره.
شعر حذيفة بحرج شديد، وخشي أن ينكشف أمره، فأسرع وأمسك بيد الجالس إلى جواره، وبادره بالسؤال: من الرجل؟ فقال الرجل المشرك: فلان بن فلان، وهكذا استطاع حذيفة بحسن تصرفه وذكائه أن يشغل من إلى جواره عن معرفته، وعاد إلى معسكر المسلمين سالمًا بفضل الله تعالى.
كان من شروط صلح الحديبية بين المسلمين وقريش أنه إذا أتى المسلمين المشرك مسلمًا ردوه لقريش، وإذا أتى المسلم مشركًا لا ترده قريش للمسلمين.
فكان ممن أسلم في هذا الوقت رجل يسمى أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية رده رسول الله -حسب المعاهدة- إلى قريش التي بعثت تطلبه، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أبا بصير انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا. فانطلق حتى إذا كان بذي الحليفة جلس إلى جدار وجلس معه المشركان اللذان جاءا ليأخذاه فقال أبو بصير لأحدهما: أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر؟
فقال: نعم.
قال: أنظر إليه.
قال: انظر إن شئت، فأستله أبو بصير ثم علاه به حتى قتله وفر الآخر سريعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشكو إليه فلحقه أبو بصير، وقال للرسول: يا رسول الله، وفت ذمتك