تجمعهم عقيدة واحدة، وإن الأمة ليست مجموعة أجيال متتابعة من جنس معين، إنما هي مجموعات من المؤمنين مهما اختلفت أجناسهم وأوطانهم وألوانهم، وهذا هو التصور الإيماني، الذي ينبثق من خلال هذا البيان الرباني، وكتاب الله الكريم (?).
1 - من أول مظاهر الولاء النصرة -طاعة الله في الكافرين- وربط المصير بالمصير ونأخذها من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} [الحشر: 11].
2 - من مظاهر الولاء إعطاء الكافرين أسرار المؤمنين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] قال ابن كثير: كان سبب نزول صدر هذه السورة الكريمة قصة حاطب بن أبي بلتعة وذلك أن حاطبا كان رجلا من المهاجرين، وكان من أهل بدر أيضا، وكان له بمكة أولاد ومال، ولم يكن من قريش أنفسهم.
فلما عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فتح مكة لما نقض أهلها العهد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بالتجهز لغزوهم وقال: "اللهم عمِّ عليهم خبرنا"، فعمد حاطب هذا فكتب كتابا وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة يعلمهم بما عزم عليه رسول الله من غزوهم ليتخذ بذلك عندهم يدا، فأطلع الله تعالى على ذلك رسوله استجابة لدعائه، فبعث في أثر المرأة فأخذ الكتاب منها.
فإخبار الكافرين بأسرار المؤمنين لدفع خطط المؤمنين، أو لتوقي الكافرين من المؤمنين ولاء يخرج من الإيمان، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النساء: 146].
3 - ومن مظاهر الولاء المحبة والمودة، قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22].
قال ابن مسعود: لو عبد الله بين الحجر والمقام سبعين عاما لم يحشره الله إلا مع من