قال: أعطوه على نثره مثلها.
فأخذها ومضى في طريقه شاكرا لكرمه وصار يضرب به المثل في الحلم (أحلم من معن بن زائدة).
وسئل معن عن سبب امتناعه عن إيقافه عند حده.
فأجاب السائل: إذا نبح عليك الكلب، فهل تنبح مثله؟ قال: لا.
وإذا رفسك حمار أترفسه؟ قال: لا.
وإذا نطحك ثور فهل تنطحه؟ قال: لا.
فأجابه: إن السفيه لا يمتاز عن تلك الحيوانات لاشتراكه معها في أقبح صفاتها، وهي الشراسة والحماقة، فاقتنع السائل وانصرف وهو يقول: لا غرابة إذا سعد كبار العقول (?).
أخي الحبيب: القوي هو من يكظم غيظه، ولا ينفعل لأتفه الأسباب، وعندئذ سيتأثر الناس بأخلاقك وحلمك.
خطب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الشام وتحدث عن الأموال وكيفية القسمة، وقال: إني اعتذرت إليكم عن خالد بن الوليد فإني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطى ذا البأس، وذا الشرف، وذا اللسان، فنزعته وأمرت أبا عبيدة بن الجراح.
فقام أبو عمرو بن حفص بن المغيرة فقال: والله ما اعتذرت يا عمر، ولقد نزعت عاملا استعمله رسول الله وأغمدت سيفا سله رسول الله ووضعت أمرا نصبه رسول الله، وقطعت رحما، وحسدت ابن عمك.
فقال عمر: إنك قريب القرابة، حديث السن، تغضب في ابن عمك.
لابد من مراعاة حالة من يغضب عليك، وتذكر مقولة علي بن أبي طالب: "إذا عز أخوك فهن"، أي كن هينا معه لين الجانب.