قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه فقلت له: يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا، فقال: لا يا يهودي، ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ولا أسمي حائط بني فلان قال: قلت: نعم فبايعني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، وقال: أعجل إليهم وأغثهم بها.
قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ونفر من أصحابه، فلما صلى الجنازة، ودنا من جدار ليجلس إليه أتيته فأخذته بجوامع قميصه وردائه، ونظرت إليه بوجه غليظ، وقلت: ألا تقضيني يا محمد حقي، فوالله ما علمتكم يا بني عبد المطلب إلا المطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم.
قال: فنظر إليَّ عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني بطرفه، وقال: يا عدو الله أتقول لرسول الله ما أسمع وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثك بالحق لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي رأسه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى عمر في سكون وتبسم ثم قال: "أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن الطلب، اذهب يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا مكان ما روعته"، قال زيد: فذهب عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟
فقال: أمرني رسول الله أن أزيدك مكان ما روعتك، فقلت: أتعرفني يا عمر؟
قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة. قال: الحبر؟ قلت: الحبر.
قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟
قلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل إلا حلما، فقد أخبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وحسن إسلامه وشهد المشاهد كلها [ابن حبان والحاكم والبيهقي].
عن جابر بن سليم قال: وفد أعرابي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يتعلم الإسلام، ولم