رب جليل، ولا أدري أيؤمر بي إلى الظل الظليل، أم إلى شر مقيل، إني أخاف عناء لا راحة بعده، وتوبيخا لا عفو معه.
قالت: فاسترح قليلا.
فقال: الراحة أطلب؟ أتضمنين لي الخلاص؟
قالت: فمن يضمنه لي؟
قال: فدعيني وما أنا عليه، كأنك يا أماه غدا بالخلائق يساقون إلى الجنة وأنا أقاد إلى النار. فمرت به في بعض الليالي في قراءته: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر: 92 - 93].
ففكر فيها، وبكى وجعل يضطرب كالحية حتى خر مغشيا عليه، فجاءت أمه إليه ونادته، فلم يجبها فقالت: قرة عيني، أين الملتقى؟
فقال بصوت ضعيف: إن لم تجدني في عرصة القيامة فاسألي مالكا عني.
ثم شهق شهقة مات فيها، فجهزته وغسلته، وخرجت تنادي: أيها الناس، هلموا إلى الصلاة على قتيل النار، فجاء الناس فلم ير أكثر جمعا ولا أغزر دمعا من ذلك اليوم.
شاب يافع لديه طموح الشباب، كان يعيش مثل بعض أقرانه لا يأبهون بأوامر الله، وذات ليلة أراد الله به خيرا، فرأى في المنام مشهدا أيقظه من غفلته، وأعاده إلى رشده.
يحدثنا هذا الشاب عن قصته فيقول: في ليلة من الليالي ذهبت إلى فراشي كعادتي لأنام، فشعرت بمثل القلق يساورني، فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم ونمت، فرأيت فيما يرى النائم، أن شيئا غريبا وضخما قد وقع من السماء على الأرض .. لم أتبين ذلك الشيء، ولا أستطيع وصفه، فهو مثل كتلة النار العظيمة، رأيتها تهوي فأيقنت بالهلاك .. أصبحت أتخبط في الأرض، وأبحث عن أي مخلوق ينقذني من هذه المصيبة.
قالوا: هذه بداية يوم القيامة، وإن الساعة قد وقعت، وهذه أولى علاماتها، ففزعت، وتذكرت جميع ما قدمت من أعمال، الصالح منها والطالح، وندمت أشد الندم .. قرضت أصابعي بأسناني حسرة على ما فرطت في جنب الله .. قلت والخوف قد تملكني: ماذا