ساعة، ولو رمى العبد بكل معصية حجرا في داره لامتلأت داره في مدة يسيرة قريبة من عمره، ولكنه يتساهل في حفظ المعاصي والملكان يحفظان عليه ذلك {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6].
فواحسرتاه على عمر انقضى فيما لا يطابق الرضا! واحرماني لمقامات الرجال الفطناء! يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله، وشماتة العدو بي!
واخيبة من أحسن الظن بي إذا شهد الجوارح علي! وخذلاني عند إقامة الحجة، سخر -والله- مني الشيطان وأنا الفطن، اللهم توبة خالصة من هذه الأقذار، ونهضة صادقة لتصفية ما بقي من الأكدار، وقد جئتك بعد الخمسين وأنا مخلق المتاع، وأبي العلم إلا أن يأخذ بيدي إلى معدن الكرم، وليس لي وسيلة إلا التأسف والندم، فوالله ما عصيتك جاهلا بمقدار نعمتك، ولا ناسيا لما ألفت من كرمك، فاغفر لي سالف فعلي (?).
وهذا أبو طلحة لما اشتغل قلبه في الصلاة بطائر في حائطه تصدق بالحائط كفارة لذلك، وإن عمر كان يضرب قدميه بالدرة كل ليلة ويقول: ماذا عملت اليوم؟
وعن مجمع: أنه رفع رأسه إلى السطح فوقع بصره على امرأة فجعل على نفسه ألا يرفع رأسه إلى السماء ما دام في الدنيا. وكان الأحنف بن قيس لا يفارقه المصباح بالليل فكان يضع إصبعه عليه ويقول لنفسه: ما حملك على أن صنعت يوم كذا وكذا؟
رئي محمد بن بشر بن داود الطائي، وهو يأكل عند إفطاره خبزا بغير ملح، فقيل له: لو أكلته بملح؟
فقال: إن نفسي لتدعوني إلى الملح منذ سنة. ولا ذاق داود ملحا ما دام في الدنيا.
يروى عن رجل من أصحاب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: صليت خلف علي - رضي الله عنه - الفجر فلما سلم انفتل عن يمينه وعليه كآبة فمكث حتى طلعت الشمس ثم قلب يده