ويقول ابن الجوزي: واشوقاه إلى أرباب الإخلاص، واتوقاه إلى رؤية تلك الأشخاص. إني لأحضر ذكركم فأغيب وإني وقتي بتذكركم ليطيب.

ويقول عمر بن الخطاب: لو أن الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها أوتيها رجل واحد ثم جاءه الموت، لكان بمنزلة من رأى في منامه ما يسره ثم استيقظ، فإذا ليس في يده شيء.

الإخلاص مسك:

يقول ابن الجوزي: الإخلاص مسك مصون في مسك القلب تنبه ريحه على حامله، العمل صورة والإخلاص روح، المخلص يعد طاعته لاحتقاره لها عرضًا وقلم القبول قد أثبتها في الجوهر خالصًا ... وعمل المرائي بصلة كلها قشور، المرائي يحشو جراب العمل رملاً فيثقله ولا ينفعه، ريح الرياء جيفة تتحاماها مسام القلوب، وما يخفى المرائي على مسانح الفطن.

وذات يوم قرأ عمر بن عبد العزيز قوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] فبكى بكًاء شديدًا حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة، فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائهما، فجاء عبد الملك فدخل عليهم وهم على تلك الحالة يبكون، فقال: يا أبتاه ... ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه، والله يا بني لقد خشيت أنْ أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار.

وقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 123]، فكل سوء عملناه جزينا به؟!

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غفر الله لك يا أبا بكر، قالها ثلاثًا: يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست تنصب؟ ألست يصيبك الأذى؟ ألست تصيبك اللأواء" (الشدة) قلت: نعم، قال: فما تجزون به في الدنيا" رواه أحمد.

وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر يبكي حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن القبر أول منزل من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015