حث الإسلام على تدبر القرآن، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
وروى ابن عبد البر عن علي - رضي الله عنه - قال: ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا في علم ليس فيه تفهيم، ولا في قراءة ليس فيها تدبر.
وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: لأن أقرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] و {الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1] أتدبرهما أحب إلي من أن أقرأ البقرة وآل عمران تهذيرا.
وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: لأن أقرأ القرآن في شهر أحب إليّ من أن أقرأه في خمس عشرة، ولأن أقرأه في خمس عشرة أحب إلي من أن أقرأه في عشر، ولأن أقرأه في عشر أحب إلي من أن أقرأه في سبع؛ أقف وأدعو.
يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن، ويصعب عليهم العمل به.
وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يقول: كان الفاضل من أصحاب رسول الله في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها، ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يرزقون القرآن، منهم الصبي والأعمى، ولا يرزقون العمل به.
وقال الحسن: كان عمر يمر بالآية من ورده بالليل فيبكي حتى يسقط، ويبقى في البيت حتى يعاد للمرض.
ويخبر أحد أصحاب الربيع بن خثيم فيقول: كان الربيع يبكي حتى تبل لحيته من دموعه، ومر ذات ليلة بقوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)} [الفرقان: 12 - 13].
فصعق الربيع، فاحتملناه إلى أهله.