يأتي زمان تكون فيه السجدة خيرًا من الدنيا وما فيها. عن أبي هريرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخترير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها" [رواه البخاري].
ولما كان السجود مظهرا من مظاهر الخضوع والذل فقد أمر الله بني إسرائيل عند دخولهم البلد الذي فتحه الله عليهم وهو قوله: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58].
وكان النبي يطيل السجود، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة كانت تلك صلاته -تعني في الليل- فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبيل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للصلاة. [رواه البخاري].
يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} [الإسراء: 107 - 109] فهذا التأثر الناشيء من التفكر في عظمة الخالق الذي جعلهم يخرون على وجوههم لشدة التأثر والبكاء وهم ساجدون لله تعالى، ليس عندهم ما يتقربون به ويتذللون أكثر من هذا السجود الخاشع، فيزيدهم خشوعا إلى خشوعهم، وانكسارا إلى انكسارهم، فتزداد لديهم حلاوة الإيمان ولذة الخشوع وجمال المناجاة.
يعرف الرسول أمته يوم القيامة بمواضع السجود، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة" قالوا: وكيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق؟ قال: "أرأيت لو دخلت صبرة فيها خيل دهم بهم، وفيها فرس أغر محجل أما كنت تعرفه منها؟ " قالوا: بلى، قال: (فإن أمتي يومئذ غر من السجود محجلون من الوضوء" [رواه أحمد].