إن ليله صلاة وإن نهاره صيام وفي حاجات الناس (?).
بل إنه - رضي الله عنه - لشدة ارتباطه بالعبادة والصلاة لما دخل في غيبوبة بعد طعنه لم ينبهوه إلا بذكر الصلاة، فقال أحد الحاضرين: إنكم لن توقظوه بشيء أفزع له من الصلاة.
فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين.
فقال: ها الله إذا، ولا حق (لا حظَّ) في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وإن جرحه ليسعب (يسيل) دما (?).
وكان يهتم بأهل بيته أيضا، فقد روي أنه كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة ثم يقول لهم: الصلاة، ويتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132] (?).
وكان من دعاء عامر بن عبد قيس إذا أصبح بعد تهجده: اللهم غدا الناس إلى أسواقهم، وأصبح لكل امرئ منهم حاجة، وحاجتي إليك يا رب أن تغفر لي. وكان لا يبيت كل ليلة حتى يبل عمامته بدموعه.
وعن عيسى بن عمرو قال: كان عمرو بن عتبة يخرج على فرسه ليلا فيقف على القبور، فيقول: يا أهل القبور طويت الصحف، ورفعت الأعمال، ثم يبكي، ثم يصف بين قدميه يصلي التهجد، فيرجع فيشهد صلاة الصبح.
ويقول مولى عمرو بن عتبة: رأيت ابن عتبة ليلة قائما يصلي فسمعنا زئير الأسد فهربنا وهو قائم يصلي لم ينصرف، فقلنا له بعدما ولى الأسد، وانتهى من صلاته: أما خفت الأسد؟
فقال: إني أستحي من الله أن أخاف شيئا سواه.
وعن ابن جريج قال: قال لي عطاء: قال لي طاووس بن كيسان: يا عطاء لا تنزلن حاجتك بمن أغلق دونك أبوابه، وجعل عليها حجابه، ولكن أنزلها بمن بابه مفتوح لك إلى يوم القيامة، أمرك أن تدعوه وضمن لك أن يستجيب لك.