حكى الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في ترجمة الفقيه أبي الحسن علي بن مبارك الكرخي وقد تتلمذ على الإمام الفقيه القاضي أبي يعلى الحنبلي شيخ الحنابلة في عصره. قال: قال لي القاضي أبو يعلى يومًا، وأنا أمشى معه: إذا مشيت مع من تعظمه أين تمشي منه؟ قلت: لا أدري. قال: عن يمينه، تقيمه مقام الإمام في الصلاة، وتخلّي له الجانب الأيسر، فإذا أراد يستنثر أو يزيل أذى جعله في الجانب الأيسر".
ومن الأدب الذي ينبغي أن يتحلى به طالب العلم مع شيخه أن يقدم بين يدي سؤاله الدعاء له، كما كان بعض السلف يقول: "اللهُمَّ استر عَيبَ معلمي، أو شيخي، ولا تُذهب بركةَ علمِهِ عني" (?).
قلت: حسن جداً أن يبدأ الطالب شيخه بقوله: أحسن الله إليك، سؤالي هو، أو نحو ذلك، وعند نهاية السؤال يختم بقوله: جزاكم الله خيرًا وأثابكم الله، كما أنه يلهج بالدعاء لشيخه والاعتراف بفضله.
قال الإمام أحمد بن حنبل: ما صليتُ صلاةً منذ أربعينَ سنةً إلا وأنا أدعو فيها للشافعي. ولكثرة دعائه له قال له ابنُه: أيَّ رجلٍ كان الشافعيُّ حتَّى تدعوَ له كلَّ هذا الدعاءِ؟ فقال: يا بُنَيّ، كان الشافعيّ كالشمسِ في الدُّنيا والعافية للناس، هل لهذين من خَلَفٍ؟ " (?).