تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء: 59].

وجه الدلالة في هذه الآية من ناحيتين: الأولى: أنه إذا وقع التنازع عند معرفة الحكم الشرعي، وجب الرد إلى الكتاب والسنة، وإلا، بأن لم يوجد التنازع، وإنما كان هناك اتفاق، فهذا الاتفاق يقوم مقام الرجوع إلى الكتاب والسنة، وهذا هو معنى حجية الإجماع (?).

الثانية: أن اللَّه تعالى أمر بطاعة أولي الأمر، كما أمر بطاعته وطاعة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأولو الأمر هم أولو الشأن، سواء في الدين أو في الدنيا وألو الأمر الديني -وهم المجتهدون-، إذا أجمعوا على حكم في الاجتهاد التشريعي، وجب اتباعه والالتزام بما حكموا به وتنفيذه، وذلك بنص القرآن، حيث يقول تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83]، وهذا الإجماع الذي قلناه، لا يكون واجب الاتباع إلا إذا كان حجة (?).

ثالثا: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].

وجه الدلالة كما يقول السعدي (?) رحمه اللَّه: وفي الآية دليل على أن إجماع هذه الأمة حجة قاطعة، وأنهم معصومون عن الخطأ؛ لإطلاق قوله "وسطا"، فلو قدر اتفاقهم على الخطأ، لم يكونوا وسطا إلا في بعض الأمور، ولقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015