يغلب على ظن الباحث أنه لم يؤلف كتاب الإجماع استقلالا، وإنما هو مُسْتل من كتاب الإشراف، حتى إنه سار في ترتيب الإجماعات على ما هو مذكور في الإشراف حذو القذة بالقذة.
ثامنًا: أما ابن عبد البر:
فهو إمام موسوعي، لا يُشَق له غبار في معرفة مواطن الخلاف والإجماع بين العلماء، مشهود له بذلك، حتى عُدت بعض كتبه من نوادر الكتب التي إليها مرد العلم والفقه في الدين (?).
وقد حكى سبعة وأربعين إجماعا، منها عشرون مسألة نقلها عنه غيره، ولم ينقل عن غيره شيئا.
وقد عُرف عنه اهتمامه بحكاية الإجماع ودقة نقله فيه، فهو يُميِّز بين ألفاظ الإجماع، ويُغَاير بينها، إذا لزم الأمر، فإذا قال [أجمعوا على كذا] ليس كما لو قال: [أجمع الفقهاء]، أو [بلا خلاف بين العلماء] ونحوها من العبارات.
من غريب ما يذكر أنه وإن كان إماما مبرزا في العلم، إلا أن أزهد الناس في النقل عنه هم علماء مذهبه، فلا تكاد تجدهم ينقلون عنه إلا قليلا، ولذا حاز قصب السبق في النقل عنه أئمة المذاهب الأخرى.