ولذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية في مناظراته يقول: "كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاه الذين نفوا أن اللَّه تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافرًا، لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال" (?).
وحكى ابن حزم أنه لا خلاف أن المرء يعذر بالجهل حيث قال: "ولا خلاف في أن امرءًا لو أسلم، ولم يعلم شرائع الإسلام، فاعتقد أن الخمر حلال، وأن ليس على الإنسان صلاة، وهو لم يبلغه حكم اللَّه تعالى لم يكن كافرًا بلا خلاف يعتد به، حتى إذا قامت عليه الحجة، فتمادى، حينئذ بإجماع الأمة فهو كافر" (?).
ومن أدلة العذر بالجهل:
1 - ما في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم اذروني في الريح في البحر؛ فواللَّه لئن قدر علي ربي ليعذِّبني عذابًا ما عذبه به أحد، قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض: أدِّي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب -أو قال: مخافتك- فغفر له بذلك) (?).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا الرجل ظن أن اللَّه لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق، فظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك، وكل واحد من إنكار قدرة اللَّه تعالى، وإنكار معاد الأبدان وإن تفرقت كفر، لكنه كان مع إيمانه باللَّه وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلًا بذلك، ضالًا في هذا الظن مخطئًا، فغفر اللَّه له ذلك، والحديث صريح في أن الرجل طمع أن لا يعيده إذا فعل ذلك، وأدنى هذا أن يكون شاكًا في