وقد انتصر ابن القيم في "حادي الأرواح" للقول بفناء النار، من جهة أنه ذكر أدلة القائلين بعدم فناء النار، وأجاب عن تلك الأدلة، وقوى أدلة القائلين بالفناء، حتى أن القارئ قد يلمح منه ترجيح القول به، وإن لم يكن مصرحًا بذلك.
لكن له كلام آخر في "الوابل الصيب" يتبيَّن منه أن مراده بفناء النار فناء طبقة الموحدين بعد خروجهم منها، لا فناء النار مطلقًا، حيث قال: "الناس على ثلاث طبقات: طيب لا يشينه خبث، وخبيث لا طيب فيه، وآخرون فيهم خبث وطيب، دورهم ثلاثة: دار الطيب المحض، ودار الخبيث المحض وهاتان الداران لا تفنيان، ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة؛ فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد؛ فإنهم إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة، ولا يبقى إلا دار الطيب المحض، ودار الخبث المحض" (?).
وذكر نحو هذا القول في "زاد المعاد" (?).
بل إنه نسب القول بفناء النار مطلقًا للجهمية كما في "النونية" (?).
فيتحصل من هذا أن ابن القيم مع جمهور أهل السنة والجماعة في الجملة بالقول بأن النار لا تفنى.
كما أن القول بفناء النار منسوب أيضًا إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، وموجب هذه النسبة أن ثمة رسالة منسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية ملخصها أن شيخ الإسلام ابن تيمية سُئل عن مسألة فناء الجنة والنار، فأجاب ابن تيمية عن ذلك بذكر آراء أهل العلم في المسألة، فقال: "وقد تنازع الناس في ذلك على ثلاثة أقوال:
فقيل: ببقائهما، وقيل: بفنائهما، وقيل: ببقاء الجنة دون النار.