ينصف المظلوم من الظالم ويسى لإقامة العدل الذي هو قوام الأمر وحيلته الذي أمر اللَّه به في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90]. فبالقضاء تعصم الدماء وتسفح، والأبضاع تحرم وتنكح، والأموال يثبت ملكها ويسلب، والمعاملات يعلم ما يجوز منها ويحرم ويكره ويندب، لذا فإن أمر الناس لا يستقيم بدونه (?).
وقد جاءت النصوص الشرعية في بيان خطر هذه الولاية، وعظيم شأنها، وأن القيام بها أمر ليس باليسير؛ فقد روى أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين" (?).
وروى بريده بن الحصيب -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار" (?).
وروت عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ليأتين على القاضي يوم يود أنه لم يقض بين اثنين في ثمره" (?).