• الخلاف في المسألة: وخالف بعض الفقهاء على أقوال منها:
• القول الأول: ويروى عن الحسن والضحاك ومقاتل أن تحريم الفرار خاص لأهل بدر دون غيرهم. واحتجوا بقوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16]، فظنوا: أن ذلك إشارة إلى يوم بدر. ويرى جماهير أهل العلم أن ذلك إشارة إلى يوم الزحف (?).
• القول الثاني: ذهب الظاهرية إلى تحريم الفرار مطلقًا وإن أكثر الكفار. قال ابن حزم: (لا يحل للمسلم الفرار أمام المشركين، وإن كثروا، إلا أن ينوي التحيز إلى جماعة من المسلمين، إن رجا إدراك تلك الجماعة، قبل أن يلحقه الكفار، أو ينوي بانحرافه الكر لقتالهم، وإلا فهو عاص للَّه عز وجل) (?).
واستند: إلى عموم آية النهي عن التولي عند الزحف، وإطلاق الوعيد كذلك على من ولَّى عمومًا، من أي عدد كان.
• القول الثالث: ذهب الحنفية وبعض المالكية إلى أن العبرة بقدرة المسلمين على مقاومة العدو، فإن كانت القدرة متوفرة لم يجز لهم الفرار، ولا الانحياز مهما بلغ عدد المسلمين من القلة، وعدد الكفار من الكثرة. وإن بلغ المسلمون اثني عشر ألفًا لم يجز لهم الفرار مهما بلغ عدد الكفرة (?).
• ومما استندوا إليه ما يأتي:
1 - أن العبرة بالضعف الجائز الفرار منهم القوة لا العدد.
2 - ما ورد عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة" (?). R 1 - أن الإجماع متحقق على أن الثبوت إذا كان المشركون ضعف المسلمين فأقل: واجب، والفرار عنهم حرام، أو معصية، وكبيرة من جملة الكبائر.
وأما خلاف الحسن والضحاك فجوابه من وجهين: