وهو: مجاهدة الشيطان على دفع ما يأتي به من شبهات، وذلك باليقين، ودفع ما يزينه من الشهوات، وذلك بالصبر عن الشهوات (?).
قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنًا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة: 24]. فأخبر اللَّه تعالى أن إمامة الدين إنما تُنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهوات، والإرادات الفاسدة، واليقين يدفع الشكوك والشبهات (?).
ويكون ذلك باليد إذا قدر، فإن عجز فباللسان، فإن عجز جاهد بقلبه.
عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" (?).
ويكون بالسيف وبالمال، وباللسان، وبالقلب، وجهاد الكفار أخص باليد، وجهاد المنافقين أخص باللسان (?).
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73].
وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41].
وعن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (?).
وهذا البحث قاصرٌ على جهاد الكفار بالنفس بقسميه (الدفع والطلب) وما يلحق ذلك من الأحكام، فخرجت الأنواع الأخرى للجهاد من إطار البحث.