{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)} (?). وقول اللَّه -تعالى-: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} (?).

وأجيب عن ذلك: بما قاله القرطبي: "هذا استدلال سَاقِطٌ؛ لأن الذم هاهنا إنما وقع على ارتكاب ما نهى عنه لا عن نهيه عن المنكر، ولا شك أن النهي عن المنكر ممن يأتيه أقبح ممن لا يأتيه" (?).

كما استدلوا بحديث أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يوم الْقِيَامَةِ، فَيُلْقَى في النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ في النَّارِ، فَيَدُورُ كما يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عليه، فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ! ما شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كنْتَ تَأْمُرُنَا بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عن المُنْكَرِ؟ قال: كنت آمُرُكُمْ بِالمَعْرُوفِ ولا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عن المُنْكَرِ وَآتِيهِ" (?).

وربما استدلوا -أيضًا- من طريق القياس بأن هداية الغير فرع للاهتداء، وكذلك تقويم الغير فرع للاستقامة، والإصلاح زكاة عن نصاب الصلاح، فمن ليس بصالح في نفسه فكيف يصلح غيره؟ ! ومتى يستقيم الظل والعود أعوج؟ ! وأجيب عن ذلك كله: بما قاله الغزالي: "كل ما ذكروه خيالات، وإنما الحق أن للفاسق أن يحتسب، وبرهانه هو: أن نقول: هل يشترط في الاحتساب أن يكون متعاطيه معصومًا عن المعاصي كلها؟ فإن شرط ذلك فهو خرق للإجماع، ثم حسم لباب الاحتساب؛ إذ لا عصمة للصحابة فضلًا عمن دونهم، والأنبياء - عليهم السلام- قد اختُلف في عصمتهم عن الخطايا" (?).Rصحة الإجماع، ولا يُعتد بخلاف المبتدعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015