يتبين مما سبق أن المعنى الاصطلاحي للحسبة لا يقتصر على تغيير المنكر الظاهر فحسب، وإنما يشمل كل ما يُفعل ويُراد به ابتغاء مرضاة اللَّه تعالى، كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدقة، والأذان، والإقامة، وأداء الشهادة، والجهاد في سبيل اللَّه، وجميع أنواع البر. ويدل لذلك قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه -عز وجل- يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ" (?).

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَنْفَقَ على ابْنَتَيْنِ أو أُخْتَيْنِ أو ذواتي قَرَابَةٍ، يَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، حتى يُغْنِيَهُمَا اللَّه من فَضْلِهِ عز وجل أو يكيفهما، كَانَتَا له سِتْرًا مِنَ النَّارِ" (?). فدلت هذه النصوص وغيرها على سعة مفهوم الحسبة، وعدم اقتصارها على نوع معين من الأحكام.

• خلاصة القول: أن الحسبة تمثل الرقابة التطبيقية العامة على قيم المجتمع الإسلامي، باعتبارها وظيفة دينية خلقية، وقاعدتها وأصلها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الذي بعث اللَّه به رسله، وأنزل به كتبه، ووصف به هذه الأمة لأجله على سائر الأمم (?). قال -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (?). قال أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-: "خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ في السَّلَاسِلِ في أَعْنَاقِهِمْ، حتى يَدْخُلُوا في الْإِسْلَامِ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015