ونوقش ذلك بأنهم محجوجون بكامل الأدلة المتقدمة، وعلى رأسها الإجماع السابق (?).
قال ابن خلدون: "والذي حملهم على هذا المذهب إنما هو الفرار عن الملك ومذاهبه من الاستطالة والتغلب والاستمتاع بالدنيا، لما رأوا الشريعة ممتلئة بذم ذلك، والنعي على أهله، ومرغبة في رفضه.
واعلم أن الشرع لم يذم الملك لذاته، ولا حظر القيام به، وإنما ذم المفاسد الناشئة عنه من القهر والظلم والتمتع بالملذات، ولا شك أن في هذه مفاسد محظورة وهي من توابعه، كما أثنى على العدل والنصفة وإقامة مراسم الدين والذب عنه، وأوجب وإزائها الثواب، وهي كلها من توابع الملك. إنما وقع الذم للملك على صفة وحال دون حال أخرى،
ولم يذمه لذاته، ولا طلب تركه، كما ذم الشهوة والغضب من المكلفين، وليس مراده تركهما بالكلية لدعاية الضرورة إليها، وإنما المراد تصريفهما على مقتضى الحق، وقد كان لداود وسليمان - صلوات اللَّه وسلامه عليهما - الملك الذي لم يكن لغيرهما، وهما من أنبياء اللَّه -تعالى- وأكرم الخلق عنده.
ثم نقول لهم: إن هذا الفرار عن الملك بعدم وجوب هذا النصب لا يغنيكم شيئًا؛ لأنكم موافقون على وجوب إقامة أحكام الشريعة، وذلك لا يحصل إلا بالعصبية والشوكة، والعصبية مقتضية بطبعها للملك، فيحصل الملك وإن لم ينصب إمام، وهو عين ما فررتم" (?).Rصحة الإجماع في وجوب نصب الإمام.
• المراد بالمسألة: الإمامة: القيادة والقدوة (?) الإقامة: التهذيب، وأقمت الشيء وقومته فقام واستقام، أي: اعتدل واستوى وزال عوجه (?) المصالح: