القول الثاني: أن مخالفة الواحد أو الاثنين لا تؤثر في الإجماع، وهو قول الطبري، والجصاص (?)، وبعض المعتزلة، وقد أومأ إليه الإمام أحمد (?).

وقد استدل أصحاب هذا القول بما يلي: الدليل الأول: عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه لَا يَجْمَعُ أمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّه مع الجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إلى النَّارِ" (?).

• وجه الدلالة: ظاهر الحديث يدل على أن الأكثر هم الجماعة مع وجود المخالف، فقد جعل اللَّه الحق مع الأكثر. وأجيب عنه: بأن المراد بالجماعة في الحديث الكل، والذين شذوا خالفوا بعد الموافقة (?).

الدليل الثاني: اعتمدت الأمة في خلافة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- على أنه إجماع، فقد اتفق عليه الأكثرون، وخالف في ذلك جماعة، كعلي بن أبي طالب، وسعد بن عبادة، ولولا أن قول الأكثر حجة مع مخالفة الأقل لما كانت إمامة أبي بكر ثابتة بالإجماع (?) وأجيب عنه: برجوع علي وسعد -رضي اللَّه عنهما- إلى المبايعة، كما أن الإمامة لا يلزم انعقادها حصول الإجماع، بل تكفي بيعة الأكثر (?).

الدليل الثالث: ما رواه أنس -رضي اللَّه عنه-، قال سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ على ضَلَالَةٍ، فإذا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأعْظَمِ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015