كما أنه إذا أجمع المؤمنون على أمر في قضية فمن شاقهم فقد خالفهم واتبع غير سبيلهم، وبذلك كان عرضة للوعيد المذكور في الآية (?).
وقد نوقش هذا الاستدلال: بأن المراد من السبيل في قول اللَّه -تعالى-: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} ليس هو الإجماع، بل يحتمل أن يكون المراد سبيلهم وطريقهم في متابعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو في مناصرته، أو في الاقتداء به، وإذا وجد الاحتمال في الدليل سقط به الاستدلال (?).
وأجيب عن هذه المناقشة: بأنه لو كان المراد من ما ذكره المعترضون، للزم أن تكون مخالفة سبيلهم هي عين المشاقة للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك يستلزم التكرار في الآية الكريمة، مع أن العطف يقتضي المغايرة. وإذا كان كلام العقلاء يصان عن التكرار بدون فائدة، فمن باب أولى كلام اللَّه تعالى (?).
فإن قيل: إن الوعيد في الآية إنما في مخالفة سبيل المؤمنين مع مشاقة الرسول.
قلنا: هما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه يكون منصوصًا عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالمخالف لهم مخالف للرسول، كما أن المخالف للرسول مخالف للَّه، ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بيَّنه الرسول، وهذا هو الصواب (?).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه-: "لا يوجد قط مسألة مجمع عليها