بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد للَّه نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من إكرام اللَّه -تعالى- لهذه الأمة أن بعث فيها محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- نبيًّا، وجعل رسالته خاتمة الرسالات ومهيمنة عليها، وهذا يقتضي أن تكون أحكامها صالحة لكل زمان ومكان؛ لذا فقد حفظ اللَّه -تعالى- أصل هذه الرسالة من التحريف والتبديل، وهيَّأ لخدمتها علماء أفذاذًا خدموا أحكامها وحددوا الأصول التي تستند عليها تلك الأحكام، فجعلوا القرآن الكريم هو الأصل الأول الذي تُستنبط منه الأحكام، تليه السنة المطهرة المؤكدة والمفصلة والمبينة لأحكام القرآن، ثم الإجماع (?).
فهو حق مقطوع به في دين اللَّه عز وجل، وأصل عظيم من أصول الدين، ومصدر مهم من مصادر التشريع، وركيزة أساسية من ركائز اللَّه، مستمدة من كتاب اللَّه الكريم وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال لأحكام القرآن في الرتبة والمنزلة.
إلا أن مسائل الإجماع كثيرة في كتب الفقه، ونقلها يختلف باختلاف العلماء في المسائل الفقهية، الأمر الذي جعل كثيرًا من هذه المسائل بحاجة إلى التحقق من نقل الإجماع عليه من خلال البحث والدراسة المستفيضة، ولَمَّا كانت مسائل الإجماع كثيرة جدًّا بحيث لا يستطيع باحث أن يجمعها كلها، لذا فقد تبنى مشروع هذا البحث نخبة من أعضاء هيئة التدريس في مسار الفقه وأصوله من قسم الثقافة الإسلامية كلية التربية بجامعة الملك سعود، فكان هذا البحث بعنوان: (مسائل الإجماع في الأحكام السلطانية جمعًا ودراسة) سائلًا المولى